../../../mediafiles/مدينة_عاليه_تضع_بصمة_مشرفة_بالفن.pdf
أثبتت عاليه أنها مدينة ذواقة للفن، من خلال احتضانها كبار الفنانين المحترفين والمبدعين من لبنان والعالم ، لتؤكد أنها جديرة بالحياة، وهي مدينة الفن بامتياز. صوروا هؤلاء الفنانين من روحهم الإبداعية في الحجارة الصلبة والرخام لتتجسد كائنات إبداعية هائلة تنبض بالحياة والجمال.
كان ميلاد فن النحت بمدينة عاليه عام ١٩٩٩ كونها عريقة بالمجالات الفنية المتعددة، حين دعا رئيس البلدية الأستاذ "وجدي مراد" النحاتين من مختلف أنحاء العالم لإقامة السمبوزيوم في عاليه منطقة البيسين وتكرر بعدها عامي ٢٠٠٠- ٢٠٠١ بمنطقة رأس الجبل. حاز "مراد" على ثقة شريحة واسعة من أهالي المدينة الذين لم يفتئوا في تنصيبه على رأس المجلس البلدي لأربعة ولايات متتالية، ما جعله يراكم تجربة وحنكة واسعتين في تدبير وتسيير أعمال المدينة على مستوى الشأن العام المحلي. أعطى الشأن الإنساني الإجتماعي حيزاً كبيراً في عمله فتراه يتابع هموم الناس من جهة ويساهم في نشر الإنماء الحضاري من جهة أخرى، يتابع تفاصيل حياتهم دون أن ينسى أصالته وتقاليده، يقدم الخدمات الجمة لأبناء مدينته مباشرة كانت أم عبر جمعيات تأسست لخدمة الناس وتكملة لعمله. أتقن العمل البلدي غير آبه بما يحمله هذا العمل من أعباء متمنياً الوصول إلى تصحيح الإعوجاج الحاصل لتصبح مدينة عاليه الجنة الحقيقية على الأرض.
أعطى الأستاذ وجدي مراد الدعم لإقامة معارض فنية لأعمال السمبوزيوم وتخصيص مواقع من أجمل مواقع المدينة مثل منطقة رأس الجبل التي تعـــــانقت فيها عبقرية المكــان مـع عبقرية الإنسان لتصبح مزاراً سياحياً يضاف لخريطة عاليه السياحية"، وذلك يتوازى مع حرص "مراد" على توظيف القطع الفنية للسمبوزيوم ضمن منظومة التطوير والتجميل لتشكل بانوراما فنية جمالية تليق بمكانة عاليه الحضارية والسياحية.
من أهداف هذه المعارض حسب رئيس البلدية منح المدينة متحفا للنحت المعاصر وجعله جزءا من فضاء المدينة السياحي ، مع ما يتضمنه ذلك من خلق نوع من الشراكة الثقافية ودعوة كل الفنانين إلى التفاعل مع الفن ونشر نوع من الثقافة الذوقية تجاهه.
من خلال هذا العمل العملاق نشأت فكرة إفتتاح محترف الفنان التشكيلي "عارف الريس" الذي كان من أوائل المشاركين بأعمال السمبوزيوم .
الفنان التشكيلي "عارف الريس" إبن مدينة عاليه، أحد أعمدة الحركة التشكيلية الحديثة في لبنان ومن أوائل الذين حملوا شعلة الحداثة الفنية، مع رحيله بقيت أعماله بصمة مشرفه في تاريخ الفن اللبناني، وكان من أهم أحلامه إنشاء هذا المحترف
تخليدا لذكراه تبنت السيدة "سلمى شهيب" عقيلة معالي الوزير الأستاذ أكرم شهيب ورئيسة جمعية "إحياء" حلم الفنان الكبير "عارف الريس" وعملت على إنشاء محترف يحمل إسمه، تحيطه حديقة واسعة تتضمن ١٤ منحوتة حجرية لعدة فنانين عالميين تلفها قيم الجمال والرقي من كل جانب، ساهم بتقديم المنحوتات رئيس بلدية عاليه الأستاذ "وجدي مراد" وزعت في قلب الحديقة وسط أشجار الأرز ، الصنوبر ، الزيتون ، الغار والحنة ، والمزروعات القصعين ، الزعتر ، اللافندر ، الريحان ، والطيون.
حين تريد التحدث عنها، تحار من أين تبدأ، تجد أنك بحضرة سيدة بكل ما تحمل الكلمة من معاني ، تلك المرأة التي صاغت الشمس خيوطا وإبتسامة ، خاضت تاريخا في تحمل المسؤولية، واجهت أعتى تقلبات الحياة وهزمتها ، فكانت الأم والأخت والزوجة والرفيقة لعائلتها، وكانت الدعامة الأولى لزوجها ورفيق دربها الوزير "أكرم شهيب". السيدة "سلمى شهيب" رئيسة جمعية "أحياء.
كان لنا شرف اللقاء معها لنطرح عليها بعض الأسئلة في ما يتعلق بأهداف، نشاطات، وتطلعات جمعية "إحياء" التي تحمل شعار (بيئة ، فن ، تراث) قالت:
تأسست جمعية إحياء عام ١٩٩٧ بهدف إحياء وتنمية مفهوم الرسالة الوطنية الإجتماعية الثقافية والإنسانية الهادفة إلى حماية البيئة ونشر الفن والمحافظة على التراث اللبناني في إطار العناية بالإرث التاريخي والأثري على إختلاف تنوعه ومصادره الوطنية، لذا إجتمعت مجموعة من السيدات والسادة من عدة مناطق لبنانية للتفكير بإطار بيئي فاعل وشامل على المستوى الوطني .
وكانت الإنطلاقة الأولى الإهتمام بمشروع إعادة ترميم وتأهيل حديقة تملكها البلدية التي تبلغ مساحتها ٧٠٠٠متر مربع ، بمنطقة الحي الغربي عاليه، تعرضت الحديقة خلال الحرب للإهمال والحريق مما تسبب بتشويهها . نظرا لوجود المنازل الراقية التي تحيط بها وحفاظا على جمالية المنظر الحضاري لها ، أولت جمعية "إحياء" إهتمام كبير بهذه الأرض ، وقد كان لرئيس بلدية عاليه الأستاذ "وجدي مراد" وبعض أهالي المنطقة الأثر الفعال في دعم مسيرة المشروع ودفع عجلة العمل للأمام من خلال دعمهم المادي والمعنوي ، قامت جمعية "إحياء" بإنشاء سور للحديقة، ليستمر العمل بعدها بإعادة ترميم وتأهيل وتشجير الحديقة وذلك بهدف إعادة بث الروح والحياة فيها مرة أخرى . كما وجرى تأسيس محترف داخل الحديقة يحمل إسم الفنان "عارف الريس"، لتدريس ونشر هذا الفن العريق
وعن نشاطات الجمعية أضافت شهيب:
تسعى الجمعية إلى رفع مستوى الوعي وتعميم الثقافة البيئية وبناء القدرات من خلال النشاطات التي نظمتها الجمعية منها :
- إطلاق أندية بيئية مدرسية في ثلاث وثلاثين مدرسة رسمية.
- زرع عشرة آلاف من نصوب الصنوبر البلدي المثمر بالتعاون مع الجمعيات والأندية.
- إقامة الحفلات الفنية والثقافية لكبار الفنانين والفنانات مثل (زياد الرحباني، مارسيل خليفة، الفنان الراحل وجدي شيا ، غادة شبير أستاذة بتعليم الكورال بجامعة الكسليك، وبعدها حفل لكورال الفيحاء.) يعود ريعها لتحقيق أهداف الجمعية وتجهيز المحترف والحديقة.
أضافت شهيب :" بعد أن تم تجهيز الحديقة التي تضم ثلاث ساحات كبيرة ، إعتمدنا تنظيم الترويقة القروية التي أصبحت تقليدا سنوياً للجمعية، يتم خلاله تقديم الهدايا الرمزية مثل (اللافندر والزعتر..)
وبمناسبة اليوم العالمي للأغذية وبرعاية وزارة الزراعة وبلدية عاليه نظمت جمعية إحياء ومنظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة (الفاو) ورشة عمل في الحديقة، تحت عنوان "المناخ يتغير الاغذية والزراعة ايضا".
واستمرت النشاطات الفنية بعدها ليتم تنظيم دورات فنية وثقافية تعنى بفن النحت والرسم على أيدي كبار الفنانين المحترفين. منها دورة الرسم التي نظمتها الفنانة "غنوة رضوان" لطلاب تتراوح أعمارهم بين ٨ و ١٢ سنة التي لاقت إقبال وفرح كبير لدى الطلاب
تلتها دورة النحت على الصلصال التي تعد الأولى في لبنان. جرت تحت إشراف النحات المبدع "بيار كرم
درس بيار كرم النحت في الأكاديمية الأوكرانية للفنون الجميلة ما بين سنة 1985 و 1992. بدأ التعليم في جامعة الروح القدس - الكسليك سنة 1994 وما زال. شارك في العديد من المعارض الجماعية، في لبنان والخارج. وأقام عدة معارض فردية. نظم العديد من الملتقيات الفنية العالمية (symposium).
ومنها سمبوزيوم عاليه ١٩٩٩.
بعد سؤاله عن دورة النحت على الصلصال قال": تعتبر هذه الدورة مقدمة للمهارات الأساسية اللازمة لصنع المنحوتة وتكوين المجسم. ويشمل هذا تعلم تقنيات مختلفة لتطوير الأفكار، وتحسين التصاميم. سيتعرف المشاركون على أسس فن النحت و كيفية تشكيل وبناء كتل الطين وإنشاء المجسمات والأعمال الفنية، ليقوموا بتطبيق ذلك عملياً في النحت والإحساس بالكتلة وطرق بناء العمل الفني بمادة الطين أو الصلصال.
وعن الطموحات المستقبلية لجمعية "إحياء" قالت شهيب، نطمح أن يظل المحترف المتنفس الفني التراثي الراقي لطلاب وهواة الفن، كما ونطمح بإقامة صفوف لتعليم فن الموزاييك، الفن التشكيلي واليوغا.
وفي الختام تمنت السيدة شهيب
الحفاظ على المساحة الخضراء نظراً لأهميتها الكبيرة ودورها الأساسي في توفير فرص الراحة والتمتع بجمال الطبيعة للسكان والحفاظ على تراثنا البيئي، والإبتعاد عن الكثير من العادات السيئة التي تشوه المظاهر الحضارية والثقافية والتراثية ، إضافة إلى دعم وتنشيط الفن الراقي.
بنهاية اللقاء شكرت السيدة "سلمى شهيب" رئيس بلدية عاليه الأستاذ "وجدي مراد" على عمله الداعم والبناء لجمعية "إحياء" ، كما وشكرت الدكتورة "منى عقل" عضو بالمجلس البلدي لمدينة عاليه على جهودها من خلال التنسيق لإعداد هذا المقال. وشكرت أيضاً الفنانة "غنوة رضوان" المنسقة والمنظمة لدورة النحت على الصلصال مع الأستاذ "بيار كرم" والشكر مضاف لعائلة جمعية إحياء لتعاونهم الدائم لإنجاح أي نشاط للجمعية.
نجوى مقصد جابر